أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع ايران، واصفا إياه بأنه "كارثي"، وإعادة العمل بالعقوبات على طهران.
وقال في كلمة متلفزة القاها في البيت الابيض "اعلن اليوم (أمس) انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الايراني" الذي وقع مع القوى الكبرى العام 2015.
واضاف ترامب "بعد لحظات، سأوقع أمرا رئاسيا للبدء بإعادة العمل بالعقوبات الاميركية المرتبطة بالبرنامج النووي للنظام الايراني. سنفرض أكبر قدر من العقوبات الاقتصادية".
ونبه الى ان "كل بلد يساعد ايران في سعيها الى الاسلحة النووية يمكن أن تفرض عليه الولايات المتحدة أيضا عقوبات شديدة".
وقال ترامب أيضا "لدينا اليوم الدليل القاطع على ان الوعد الايراني كان كذبة".
وشدد الرئيس الأميركي على أن إيران تستحق حكومة "أفضل".
وأكد أن "مستقبل إيران ملك لشعبها" وأن الإيرانيين "يستحقون أمة تحقق احلامهم وتحترم تاريخهم".
إلى ذلك، حذر الرئيس الإيراني حسن روحاني من أن بلاده قد تضع حدا للقيود المفروضة على أنشطة تخصيب اليورانيوم بعد أن أعلنت واشنطن انسحابها من الاتفاق النووي الموقع عام 2015.
وقال روحاني "أصدرت تعليمات لوكالة الطاقة الذرية الايرانية للقيام بما هو ضروري (...) بحيث نستأنف التخصيب الصناعي اللامحدود إذا لزم الأمر".
وأضاف "سننتظر بضعة أسابيع قبل تنفيذ هذا القرار"، في ضوء نتائج المحادثات بين طهران وشركاء آخرين في الاتفاق.
واعلن الرئيس الايراني انه يريد التباحث سريعا مع الاوروبيين والصينيين والروس لمعرفة مدى قدرة هؤلاء على ضمان مصالح ايران بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي.
واذ اتهم الرئيس دونالد ترامب بممارسة "حرب نفسية"، قال روحاني في مداخلة عبر التلفزيون الايراني الرسمي "لقد اظهرت الولايات المتحدة دائما انها لا تفي ابدا بالتزاماتها".
واعلن مستشار الامن القومي الاميركي جون بولتون ان اعادة العمل بالعقوبات الاميركية المرتبطة بالبرنامج النووي الايراني ستسري فورا على العقود الجديدة، موضحا ان امام الشركات الاجنبية بضعة اشهر "للخروج" من ايران.
من جهتها، أوضحت وزارة الخزانة ان العقوبات المتصلة بالعقود القديمة الموقعة في ايران ستسري بعد فترة انتقالية من تسعين إلى 180 يوما، وذلك بعيد اعلان الرئيس ترامب.
واضاف بولتون "من الممكن جدا ان تلي ذلك عقوبات إضافية إذا حصلنا على معلومات جديدة. نريد ممارسة أكبر قدر من الضغط الاقتصادي على ايران ومنعها من الحصول على العائدات التي كانت ستنالها" من دون انسحاب واشنطن.
وتابع أمام الصحفيين ان "القرار الذي وقعه الرئيس اليوم يعيد العمل فورا بالعقوبات التي كانت موجودة قبلا، ولن يسمح بأي عقد جديد".
في المقابل، اكد ان الرئيس ترامب "مستعد لاجراء مفاوضات حول حل اوسع" يتصدى "للطابع الضار لإيران"، وقال "سبق أن أجرينا محادثات مع حلفائنا وسنواصل ذلك اعتبار من صباح غد".
في سياق متصل، اعلنت فرنسا والمانيا وبريطانيا انها ملتزمة باستمرار تنفيذ الاتفاق النووي الايراني الذي وقع العام 2015 رغم إعلان الرئيس الأميركي انسحاب الولايات المتحدة منه.
وأورد بيان مشترك أن "حكوماتنا تبقى ملتزمة ضمان تنفيذ الاتفاق وستعمل مع جميع الاطراف الاخرين المعنيين بحيث يبقى الامر على هذا النحو على ان يشمل ذلك ضمان استمرار الفوائد الاقتصادية المرتبطة بالاتفاق للشعب الايراني".
ونبه البيان الذي اصدرته رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي والمستشارة الالمانية انغيلا ميركل والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى ان ملامح مواجهة تلوح بين ضفتي الاطلسي وخصوصا بعد تحذير الشركات الاوروبية العاملة في ايران من تعرضها لعقوبات اميركية. واضاف "نحض الولايات المتحدة على ابقاء بنود الاتفاق مع ايران من دون اي تغيير وعلى تجنب اتخاذ خطوات من شأنها منع تنفيذه من جميع الاطراف الاخرين المعنيين".
وتابع القادة الثلاثة انهم تبلغوا قرار ترامب "باسف وقلق" مطالبين ايران بالاستمرار في الوفاء بالتزاماتها.
وقالوا ايضا "نشجع ايضا على التحلي بضبط النفس ردا على القرار الاميركي. على ايران ان تواصل الوفاء بتعهداتها التي نص عليها الاتفاق".
ودعا الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش الدول الخمس الاخرى التي وقعت الاتفاق النووي الايراني في 2015 الى "الوفاء بالتزاماتها تماما" بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق. وقال غوتيريش في بيان "انا قلق بشدة حيال اعلان انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق واستئناف العمل بالعقوبات الاميركية".
واعلنت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني في روما ان الاتحاد "مصمم على الحفاظ" على الاتفاق النووي الايراني بعد ترامب الانسحاب منه.
وقالت موغيريني في تصريح مقتضب في ممثلية المفوضية الاوروبية في روما ان اتفاق فيينا 2015 "يحقق هدفه القاضي بضمان عدم تطوير ايران اسلحة نووية، والاتحاد الاوروبي مصمم على الحفاظ عليه".
واضافت مخاطبة القادة والمواطنين الايرانيين "لا تدعوا احدا يلغي هذا الاتفاق. انه من اكبر النجاحات التي تحققت في الدبلوماسية وقد صنعناه معا". وقالت ايضا ان "الاتحاد الاوروبي مصمم على التحرك بما ينسجم مع مصالحه الامنية وحماية استثماراته الاقتصادية".
واضافت "ما دامت ايران تواصل الوفاء بالتزاماتها المرتبطة بالنووي، وهو امر قامت به حتى اليوم، فان الاتحاد الاوروبي سيبقى ملتزما مواصلة التنفيذ الكامل والفعلي للاتفاق النووي".
من جهته، وعد رئيس المجلس الاوروبي دونالد توسك في تغريدة ب"مقاربة اوروبية موحدة" موضحا ان القادة الاوروبيين سيبحثون الازمة النووية الايرانية خلال قمتهم الاسبوع المقبل في صوفيا.
خليجيا، اعلنت دول الخليج تأييدها الخطوات التي اعلنها الرئيس الاميركي لجهة انسحاب بلاده من الاتفاق النووي الايراني.
واعلنت وزارة الخارجية السعودية على حسابها على موقع "تويتر" تأييدها "لإعادة فرض العقوبات الاقتصادية" على ايران التي كانت علقت بموجب الاتفاق النووي.
واتهمت الرياض "طهران بانها استغلت العائد الاقتصادي من رفع العقوبات عليها واستخدمته للاستمرار في انشطتها المزعزعة لاستقرار المنطقة وخصوصا من خلال تطوير صواريخها البالستية ودعهما الجماعات الارهابية بما في ذلك حزب الله وميليشيا الحوثي" في لبنان واليمن.
واكدت "ضرورة معالجة الخطر الذي تشكله سياسات ايران على السلم والامن الدوليين بمنظور شامل لا يقتصر على برنامجها النووي بل يشمل تدخلاتها في دول الخليج ودعم الارهاب".
من جهتها، أعلنت مملكة البحرين "تأييدها" قرار ترامب "الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران واستئناف العقوبات المشددة على النظام الإيراني". وأكدت وزارة الخارجية البحرينية في بيان "دعمها التام لهذا القرار الذي يعكس التزام الولايات المتحدة بالتصدي للسياسات الإيرانية ومحاولاتها المستمرة لتصدير الإرهاب في المنطقة دون أدنى التزام بالقوانين والأعراف الدولية". وأشارت إلى أن "هذا الاتفاق (النووي) قد حمل العديد من النواقص وأهمها عدم التطرق الى برنامج ايران للصواريخ الباليستية وتهديدها لأمن واستقرار المنطقة من خلال التدخل في شؤون دولها الداخلية ودعم الميلشيات الارهابية التابعة لايران في هذه الدول".
وفي ابو ظبي، أعلنت الامارات "تأييدها" قرار ترامب "للأسباب التي أوردها في كلمته الليلة والتي لا تضمن عدم حصول ايران على السلاح النووي في المستقبل". كما رحبت باستراتيجيته في هذا الخصوص. ودعت وزارة الخارجية والتعاون الدولي في بيان "المجتمع الدولي والدول المشاركة في الاتفاق النووي الى الاستجابة لموقف الرئيس ترامب لاخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل وذلك من أجل الحفاظ على الأمن والاستقرار الدولي".
اما اسطنبول، فقد حذرت تركيا من ان قرار ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي الايراني يهدد باندلاع "نزاعات جديدة". وكتب المتحدث باسم الرئاسة التركية ابراهيم كالين على تويتر ان "الانسحاب الاحادي للولايات المتحدة من الاتفاق حول النووي هو قرار سيتسبب بعدم الاستقرار وبنزاعات جديدة".-( ف ب)