شهد قطاع غزة، أمس، تصعيداً إسرائيلياً حاداً يُنذر بالحرب، عبر شن الغارات الجوية الكثيفة التي أسفرت عن وقوع الإصابات بين صفوف الفلسطينيين، وذلك على وقع استشهاد فتيين فلسطينيين متأثرين بإصابتهما برصاص الاحتلال خلال "مسيرة العودة"، يوم الجمعة الماضي.
يأتي ذلك بينما أكد الاتحاد الأوروبي رفضه الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الأراضي المحتلة العام 1967، وأنه لا يعتبرها جزءاً من الأراضي الإسرائيلية.
وفي الميدان المشتعل؛ قصفت طائرات الاحتلال، بسلسلة غارات جوية، عدة مواقع في مناطق متفرقة من قطاع غزة، مما أدى إلى وقوع الإصابات والأضرار المادية في ممتلكات المواطنين، بينما ردت فصائل المقاومة الفلسطينية باستهداف المستوطنات القريبة من السياج الحدودي مع فلسطين المحتلة عام 1948.
واستهدف الطيران الحربي الإسرائيلي بصواريخه العدوانية مواقع للمقاومة الفلسطينية ومساحات شاسعة من الأراضي الزراعية في القطاع، مستهدفاً شرق بوابة صلاح الدين بالقرب من الحدود الفلسطينية - المصرية في رفح، ومنطقة في حي الزيتون، شرقاً، كما قصف موقعاً للمقاومة، شمالاً، وموقعاً آخر شرق مخيم البريج وسط قطاع غزة.
كما أطلق عدداً من الصواريخ ضد أراضٍ زراعية بمنطقة "صوفا" شمال شرق رفح، جنوب القطاع، وشرق بلدتي جباليا وبيت حانون، شمال قطاع غزة.
وهددت سلطات الاحتلال، عبر المواقع الإسرائيلية، بمزيد من التصعيد واستعداد قواتها للعمل ضمن السيناريوهات الممكنة إزاء قطاع غزة، وتصميمها على مواصلة هجماتها تحت مزاعم "حماية مواطني إسرائيل"، بحسبها.
وقالت قوات الاحتلال، عبر نفس المواقع، أن غاراتها الجوية دمرت نفقاً للمقاومة، جنوب القطاع، وعدة أهداف لحركة "حماس" بالقطاع، من بينها "مواقع تدريب وأماكن تجميع للبالونات والطائرات الحارقة"، كرد على إصابة ضابط إسرائيلي بجراح متوسطة، أول أمس، جراء إلقاء قنبلة يدوية تجاهه من قبل فلسطينيين، على حدود شمال قطاع غزة.
من جانبها، أطلقت المقاومة الفلسطينية عشرات قذائف الهاون والصواريخ صوب المستوطنات والمواقع الإسرائيلية الواقعة بالقرب من الحدود مع فلسطين المحتلة عام 1948.
ودوت صفارات الإنذار ضمن المناطق الممتدة عبر "الغلاف الحدودي"، من تجمع أشكول بالجنوب، حتى تجمع "ساحل عسقلان"، شمالاً، مروراً بمناطق "شاعر هنيغيف" و"سدوت" و"نيغيف" و"ناحل عوز"، بحسب التقارير الإسرائيلية.
ونقلت مزاعم اتهام عناصر في جيش الاحتلال لحركة "حماس"، بمواصلة أنشطتها ضد البنى العسكرية والمدنية الإسرائيلية، بما يشكل انتهاكاً صارخاً لما أسمته "السيادة الإسرائيلية"، وأن "مثل هذه الأفعال تضر بالجهود الإنسانية التي تسمح بها سلطات الاحتلال لصالح سكان القطاع"، بحسب مزاعمها.
وقالت القناة 14 الإسرائيلية إن "ما لا يقل عن 20 صاروخاً وقذيفة هاون سقطت في غلاف غزة في غضون ساعات الليل الأخيرة"، بينما سقطت قذيفة داخل إحدى الكيبوتسات الاستيطانية في تجمع "شاعر هنيغيف" بدون إصابات.
من جهته، اعتبر المتحدث باسم حركة "حماس"، فوزي برهوم، أن "التعامل الفوري للمقاومة مع تصعيد العدو الإسرائيلي والرد عليه بقوة يعكس حالة الوعي والوضوح الكبير لديها في الرؤية في إدارة الصراع ".
وأضاف برهوم، في تصريح أمس، إن "توصيل (المقاومة) الرسالة وضمان تشكيل حالة توازن ردع سريعة وكافية لإجباره (العدو) على وقف التصعيد وعدم التمادي في الإستهداف، فحماية الشعب الفلسطيني والدفاع عنه مطلب وطني وخيار إستراتيجي".
بدوره، أكد مسؤول المكتب الإعلامي في حركة الجهاد الإسلامي، داود شهاب، استعداد المقاومة الفلسطينية للتصدي لأي عدوان إسرائيلي، وخوض مواجهة طويلة؛ إذا ما استمر العدوان والتصعيد من قبل الاحتلال.
وقال شهاب، في تصريح أمس، إن "الزمن الذي كان الاحتلال يعتدي فيه علينا دونما رد، قد ولى وانتهى، فنحن اليوم مستعدون للتصدي لأي عدوان إسرائيلي ومستعدون لخوض مواجهة طويلة إذا ما استمر العدوان والتصعيد من قبل الاحتلال".
وشدد على "أن المقاومة غير معنية بالانتقال لمواجهة عسكرية"، غير أنها "لن تتنازل ولن تتهاون في الرد على الاعتداءات الإسرائيلية".
وأشار شهاب إلى أن "من حق الشعب الفلسطيني الدفاع عن نفسه في وجه العدوان والارهاب الإسرائيلي، وهذا الحق والواجب تمارسه المقاومة الفلسطينية التي ردت بالمثل على القصف الاسرائيلي الذي تعرض له قطاع غزة الليلة قبل الماضية".
وفي الأثناء؛ استشهد فلسطينيان في غارات جوية اسرائيلية بعد ظهر امس على قطاع غزة استهدفت على غرار تلك التي سبقتها فجرا مواقع لحركتي حماس والجهاد الاسلامي.
واعلن الناطق باسم وزارة الصحة في قطاع غزة اشرف القدرة استشهاد فتيين فلسطينيين في غارة اسرائيلية على مبنى في غرب مدينة غزة.
وقال القدرة "استشهد الطفلان امير وليد النمرة (15 عاما) من غزة ولؤي كحيل (16 عاما) جراء اصابتهما في الغارة الاسرائيلية على مبنى الكتيبة غرب مدينة غزة".
كذلك، اسفرت غارات بعد الظهر عن اصابة 15 فلسطينيا، اثنان في رفح جنوب القطاع و13 في مدينة غزة وفق مصادر طبية فلسطينية ووزارة الصحة في غزة.
وتواصلت الغارات عصر امس بحسب مراسل وكالة فرانس برس.
وبذلك؛ ارتفع عدد الشهداء الفلسطينيين الذين ارتقوا في جمعة الخان الأحمر إلى شهيدين، بينما وصل عدد المصابين إلى 220 جريحاً، يضافون إلى 139 شهيداً، وزهاء 16 ألف جريح، منذ انطلاق "مسيرة العودة"، في ذكرى "يوم الأرض"، يوم 30 آذار (مارس) الماضي، بفعل عدوان الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني.
وفي غضون ذلك؛ أكد الإتحاد ألأوروبي رفضه الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الأراضي المحتلة في 1967، وسط خلاف بين سلطات الاحتلال وإيرلندا بسبب مشروع قانون، يحظر استيراد إيرلندا سلعاً من المستوطنات الإسرائيلية.
وقالت مايا كوسيانتشيتش، المتحدثة باسم رئيسة دبلوماسية الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، "لا نعترف بسيادة إسرائيل على المناطق التي احتلتها في1967 ولا نعتبرها جزءاً من الأراضي الإسرائيلية".
وكان مجلس الشيوخ الإيرلندي صوت، مساء الأربعاء الماضي، بغالبية 25 صوتاً مقابل 20 صوتاً، على مشروع قانون يحظر استيراد إيرلندا سلعاً من المستوطنات الإسرائيلية.
وسيعرض مشروع القانون على مجلس النواب للموافقة عليه ليصبح ساري المفعول، علماً أن الحزب الحاكم في إيرلندا يعارض هذا النص.
وكانت وزارة الخارجية الإسرائيلية، استدعت، الخميس الماضي، السفير الإيرلندي لديها للاحتجاج على مشروع القانون، وهددت أيضاً بإغلاق السفارة الإيرلندية لديها.-(ا ف ب)