المزيد
أزمة تعصف بالصحف الورقية

التاريخ : 06-12-2012 |  الوقت : 06:03:28

لم يبتعد الاردن عن بقية دول العالم في الأزمة التي تعصف بالصحافة الورقية، فقد توقفت حتى الآن أكثر من 32 صحيفة أسبوعية، وتحول جزء منها إلى الإعلام الكتروني، فيما وصلت الحالة في بعض الصحف الكبرى إلى حد عدم قدرتها على إعطاء رواتب الى موظقيها، ولم تستطع صحف ورقية عريقة إعادة تأهيل مطبعتها، وحاولت اخرى الاستغناء عن خدمات كادرها الوظيفي.
في المقابل شهد الاردن نشوء المئات من المواقع الالكترونية التي لا يعرف الكثير منها قواعد المهنية الصحافية، فيما تسعى الحكومة الى تقيدها بقانون قد يلغي الكثير منها.
وبغض النظر عن الأسباب التي أدت الى هذا التدهور في الصحافة المطبوعة، يعتقد مراقبون أن على الدولة ان توقف هذا الانهيار وتحديدا لدى الصحف الكبرى والتي وصفتها بالقومية.
وإذا كانت الصحافة الالكترونية احد "السكاكين" التي اثخنت جسد الصحافة المتهالك، الا إن العوامل الأخرى مثل الكساد الاقتصادي وكلف الإنتاج، وضعف الإعلان وارتفاع أسعار الورق، إضافة إلى تعمد الحكومة في الاستمرار في إنهاك الإعلام الورقي الذي تلقى ضربة لن يقوم منها حتى المدى المنظور، بسبب حجب اعلانات أو ضرائب.
الصورة التي يرسمها رئيس مجلس إدارة المدير العام السابق لصحيفة الدستور سيف الشريف تعطي مؤشرا خطير عن الحد الذي وصل إليه الأمر في المؤسسات الإعلامية، التي اقتربت من حالة الانهيار إذا لم تساهم الدولة في حماية من وصفها بالصحف القومية، لكن بشرط عدم التدخل في سياسة التحرير.
ويقسم الشريف أسباب وتداعيات الأزمة في الصحافة الورقية التي أخذت منحى تصاعديا إلى عدة أقسام: أهمها حالة الركود الاقتصادي التي تعصف بالأردن وبالعديد من دول العالم.
الامر الذي أدى وفق الشريف إلى ان تقوم الشركات المعلنة بتخفيض برامجها الترويجية إلى الحد الأدنى، تجاوزت في الكثير من الأحيان النصف، حيث باتت هذه الصحف تتلقى اقل بكثير من نصف مواردها الاعلانية.
وأضاف الشريف لـ"السبيل" "ليس سرا ان أكثر من 70 – 80  في المئة من مداخيل الصحف الورقية تأتي من الإعلان، والبقية تأتي من التسويق والمطبوعات، الأمر الأمر أدى إلى انخفاض هائل في قيمة الأرباح التي كانت الصحف الورقية تحصل عليها قبل سنتين فقط من الان.
ومن الأسباب الأخرى التي ساهمت في إنهاك الصحف يكمن في المواقع الالكترونية، حيث استطاعت هذه المواقع وخلال مدة قليلة اخذ الكثير من قراء الصحف الورقية، ومن الطبيعي ان يؤدي ذلك الى انخفاض في قيمة مبيعاتها، كما ان المعلن يهمه ان يصل منتجه لأكبر قدر من الناس، ونظرا لمحدودية انتشار الصحف الورقية انفخض حجم الإعلان.
الأكثر خطورة من ذلك، يضيف الشريف الارتفاع الهائل في كلف الانتاج، فقد تضاعفت الكلف حتى تجاوزت المصاريف الدخل، وللإشارة فقد تضاعف سعر الورق من 500 دولار الى 1000 دولار خلال عام فقط.الامر الذي فاقم من مشاكل الصحف الورقية التي لا تنتهي.
كما ان مطالب الموظفين تفاقمت كنتيجة طبيعية لسوء الوضع الاقتصادي، فقد اضطرت الكثير من الصحف الى التعاطي مع الوضع العمالي انسجاما مع هذه الاوضاع، دون أن يكون هناك بدائل حقيقة كموارد تضاف الى موارد الصحف.
وينتقد الشريف الحكومات المتعاقبة التي اسهمت في إضعاف الصحافة الورقية، رغم انها لم تبخل على مدى العقود الماضية في إظهار البلد بصورتها الحضارية، وكانت ومازالت منبرا للخبر المهني، رغم وجود بعض الاخطاء. مؤكدا انه كان الاولى بالحكومات ان تخفض قيمة الضريبة التي انهكت الصحف الى حد الإفلاس.
واكد الشريف ان أرقاما طائلة تدفعها المؤسسات الصحفية من خلال الضرائب على المبيعات وعلى الورق وحتى على المستوردات.
واشار الشريف بان قطاع الصحافة يساهم بإعالة مئات العائلات التي باتت مهددة في رزقها اذا استمر هذا الانحدار في أوضاع الصحف الورقية.
وطالب الشريف ان تقوم الحكومة بدعم الصحف بشرط عدم التدخل في سياسة التحرير.
وقال الدعم يأتي من خلال زيادة مساحة إلاعلان وإعادة الاشتراكات المقطوعة، إضافة الى تخفيض قيمة الضرائب والرسوم الباهضة التي تدفعها المؤسسات الصحفية، التي باتت تعاني من أزمات لا يعرف احد الى أي مدى ستصل.
الى ذلك اكد احد العاملين في إدارة المطبوعات باحدى الصحف الكبرى تراجع المبيعات بنسبة تجاوزت الـ 70 في المئة من مما كان عليه الحال قبل سنة.
وأكد ان الربيع العربي ادى الى توقف في حجم المطبوعات المصدرة إلى دول عربية، مثل اليمن العراق والسودان ومؤخرا سوريا؛ الأمر الذي ضاعف من حجم الخسائر الهائلة في الكثير من المؤسسات الصحفية.
تؤكد مصادر عاملة في مجال الطباعة الى ان سعر الورق تضاعف خلال عام إلى أكثر من النصف، فيما لم تخفض الحكومة الضرائب والرسوم على هذه الأسعار.
يذكر ان الأزمة التي عصفت بخناق الصحافة الورقية لم تقتصر على الدول العربية، فقط بل تواردت الكثير من الاخبار توقف صحف عالمية شهيرة عن إصدار النسخة الورقية، والاقتصار على الإصدار الإلكتروني من خلال موقع على الانترنت، ووصل الأمر إلى عالمنا العربي، ولعل ما أعلنته مجلة "المجلة" أخيراً بالاكتفاء بالنشر الالكتروني، يؤكد أن الأزمة لم تستثنِ احدا.
 غير أن بعض الصحف العالمية اتقاء من الأزمة وهروبا منها، تلجأ إلى الاندماج في مؤسسات إعلامية كبرى في زمن أصبحت فيه وسائل الإعلام المختلفة تساند بعضها، ولا يمكن لأي منها أن تستمر دون مثل هذا الاسناد، وهناك من الصحف الورقية من وجدت نفسها مضطرة إلى إعلان الإفلاس.
السبيل - محمد محيسن


تعليقات القراء
لايوجد تعليقات على هذا الخبر
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد

الحقول التي أمامها علامة * هي حقول لابد من ملأها بالبيانات المطلوبة.

:
:
:
 
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
كيف تتوقع نهاية الاحداث الجارية في قطاع غزة؟



تابعونا على الفيس بوك