المزيد
نشنق أنفسنا ونحتفل بذلك

التاريخ : 13-01-2019 |  الوقت : 11:13:26

حتفت الحكومة بقرضھا الجدید، وكأننا فتحنا روما، أو استعدنا غرناطة، ھذا على الرغم من أن دلالات الاقتراض الفعلیة سیئة، خصوصا حین نستدین من أجل سداد دیون قدیمة، وكأننا نشنق انفسنا، جراء استعصاء الحلول، وجدولة الأزمات.

لم یعد العرب یمنحوننا المال نقدا، مثلما كان الحال قبل سنین طویلة، والأسباب وراء ذلك معروفة، ولا بد من قولھا صراحة حتى نفھم المستجد في واقعنا.

اغلب الدول العربیة الثریة التي تمنحنا المال، لدیھا ملاحظات ومعلومات حول طریقة التصرف بالأموال الممنوحة نقدا في سنین سابقة، وربما وسط قصص الفساد التي تتردد في غیر موقع ومكان، وجد ھؤلاء أن دفع المال نقدا، لم یعد طریقة مناسبة، لھذا الاعتبار المتعلق بالشفافیة، وطریقة الانفاق وصدقیتھا.

الدول العربیة وجدت أن الدفع لمشاریع محددة مسبقا، ھو الحل الوحید لضمان إنفاق الأموال بطریقة صحیحة، تحت رقابة ھذه الدول، ومتابعتھا لأدق التفاصیل بخصوص ھذه المشاریع، وتمویل المشاریع ھنا، اقل ضررا على ھذه الدول من منح المبالغ نقدا، بحیث تتصرف فیھا الحكومات على ھواھا، ووفقا لرؤیتھا.

إضافة إلى السبب السابق، فان الدول العربیة تغیرت أولویاتھا، إذ باتت لدیھا أولویات داخلیة أكثر أھمیة من قصص بقیة الدول العربیة، وتغطیة احتیاجاتھا، خصوصا في ظل النمو الذي تشھده ھذه الدول الثریة، وكثرة الاحتیاجات، ووجود ضغوطات تتعلق بالتوظیف لمواطنیھا وبقیة القطاعات.

ھذا یعني أن الدفع الذي اعتدنا علیھ لسنوات طویلة، مبدأ تغیر فعلیا، حتى لو اعتقد بعضنا أن على ھذه الدول أن تواصل الدفع بذریعة أننا نحمیھا، وھذا اعتقاد سیئ من حیث الدلالة، لأننا لسنا حرس حدود، من جھة، مثلما ان ھذه الدول تحمینا أیضا بوسائل مختلفة، لكن المثیر انھ كلما ضاقت بنا الحال، خرج بیننا من یھدد ھذه الدول، ویعتبر ان الدفع لنا، واجب لا مفر منھ، والا حدیث ما لا یحمد عقباه، من حیث تداعیات ذلك على تلك الدول.

ھذه الدول الثریة لھا علاقات مع عشرات الدول العربیة والإسلامیة ودول العالم، وكلھا تطلب منھا دعما مالیا، ولھذا لابد أن نتذكر ھنا اننا لسنا وحدنا الذین نقف أمامھم لنطالبھم بالدعم المالي، لكن مطالبتنا لھم تحمل دلالات مؤسفة، مثل التھدید كل یومین بانھیار أمنھم واستقرارھم ما لم یدفعوا، أو التلویح بكون ضعف الأردن وتعرضھ لاي أذى سیؤدي إلى انھیارھم بالتوالي.

یكتب كثیرون عن أن الأردن غیر المستقر یعني تدفق السلاح والمخدرات والتنظیمات المتشددة إلى كل دول الجزیرة العربیة، وھذا الكلام في مجملھ، یترك أثرا سلبیا لدى مراكز القرار في تلك الدول، ویجعلھا أمام تحلیلات سلبیة لمغزى الكلام الذي ینزلق على ألسن البعض أحیانا.

زمن المساعدات النقدیة، ولى ولن یعود، لكل الاعتبارات السابقة، وفي أحسن الحالات، قد نجد انفسنا أمام مساعدات مرتبطة بمشاریع محددة ومدروسة، وتحت المتابعة، فلا یجد الأردن في ھذه الحالة امامھ حلا إلا المزید من التورط في قروض دولیة، من أجل سداد قروض سابقة، وھذا ما شھدناه في زیارة رئیس الوزراء إلى الولایات المتحدة التي عاد منھا بقرض قیمتھ ملیار ومائتا ملیون دولار، سیتم استخدامھ لسداد قروض سابقة.

احتفاء الأردن بالقرض الجدید، دلیل على العقلیة التي تحكمنا، إذ اصبحنا أمام سباق للاقتراض، ویا لیتھ اقتراض یؤدي إلى إقامة مشاریع، بل اقتراض من اجل سداد القروض، بما یؤشر على أن المشكلة الاقتصادیة تتعمق وتتحول إلى مشكلة مزمنة جدا وبنیویة، وسوف تتعاظم من حیث كلفتھا الاستراتیجیة وتأثیرھا على كل الوضع الاقتصادي العام، وھو ما نراه فعلیا في الحالة القائمة حالیا.

إذا كان العرب لا یدفعون نقدا الیوم، والعالم لا یقدم لنا إلا القروض، فأین ھو المستقبل الاقتصادي الواعد في ظل الإجراءات الاقتصادیة الحكومیة، وانھمار الضرائب التي أدت إلى ھذه الحالة من الانجماد والتراجع على كل المستویات؟!

كل ھذا یأخذنا إلى الاستخلاص الأھم، أي أننا أمام عام صعب للغایة، وأعوام مقبلة أكثر صعوبة، مھما حاول الرسمیون، اقناعنا بغیر ذلك، فھم یشترون اللحظة فقط، من أجل تنبيهات العبور بأقل الخسائر.

وكالة كل العرب الاخبارية



تعليقات القراء
لايوجد تعليقات على هذا الخبر
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد

الحقول التي أمامها علامة * هي حقول لابد من ملأها بالبيانات المطلوبة.

:
:
:
 
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
كيف تتوقع نهاية الاحداث الجارية في قطاع غزة؟



تابعونا على الفيس بوك