المزيد
كي لا تضيع الحقيقة بين ركام الشائعات

التاريخ : 15-01-2019 |  الوقت : 02:46:33

اثار تفجير صوامع الحبوب القديمة في العقبة موجة من التساؤلات والتهكمات التي رددها بعض الكتاب والكثير من هواة الفيس بوك والمواقع الاخبارية التي وجدت في الحدث متنفسا لتصفية حساباتها مع المسؤولين والتي اصبحت هي اقصر الطرق للحصول على رأي عام يطيب له نقد مؤسسات الدولة بصورة لا تهدف ابدا الى التصحيح بقدر ما تبحث عن الاثارة ونشر الاشاعة بصورة باتت تضر كثيرا باقتصاد الاردن الذي يمر هو الاخر بظروف صعبة ومعقدة في ظل تحمله لتبعات ما يجري في الاقليم من احداث منذ بدء موجات الربيع العربي في العام 2011 .

وبعد تفجير مبنى صوامع العقبة القديم المقام على ارض ميناء العقبة القديم تمهيدا لتسليمها الى شركة المعبر الدولية الاماراتية لاقامة استثمارات سياحية وعقارية تبلغ كلفة انجازها ما يقارب ستة مليارات دينار وتوفر اكثر من عشرة الاف فرصة عمل حال اكتمال المشروع الاضخم من نوعه في منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة انطلقت كوميديا سوداء بين اغلب مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الاخبارية وبعض الصحف اليومية والاسبوعية في محاولة للاشارة الى ان صفقة البيع التي تمت سابقا كانت في غير سياق المصلحة الوطنية وفي ذلك الكثير من الاجتهادات التي قد تخطيء وقد تصيب في تشخيص المصلحة الوطنية ومن اي زاوية يمكن النظر اليها وما لفت انتباهي حقا كمرافق لكل عملية التحضير للعملية ثم كشاهد على لحظة التنفيذ هو مسارعة البعض الى تحميل سلطة العقبة الخاصة ورئيسها والاعلام مسؤولية كل ما حدث والامر في حقيقته لم يكن من باب قول الحقيقة او تحريها ولكن من باب ان المسألة ليست رمانة بل قلوب مليانة كما يقول المثل الشعبي .

من مفارقات الاشاعات التي رافقت عملية هدم صوامع العقبة القديمة هو الاشارة الى ان كلفة عملية التفجير بلغت عشرة ملايين دينار ولا يمكن لعاقل ومدرك الا اذا اراد ان يطعن الوطن في الخاصرة ان يتخيل مثل هذا الرقم او يصدقه فهو رقم فلكي لا نعرف من اين جاء ومن الذي اخترعه ومن الذي روجه والحقيقة ان هذا الرقم المشار اليه كان كلفة ازالة ما على ارض الميناء التي تبلغ مساحتها 1260 دونم من منشاءات وهناجر وخزانات نفط ومباني ادارية وصوامع وسكة حديد ومحطة قطار وبمساحة بناء اجمالية تبلغ 173 الف مترا مربعا وبلغت القيمةالتقديرية لهدم وازالة هذه المنشاءات ما يزيد على 25 مليون دينار لكن احالة عطاء الهدم والازالة على الشركة العربية الدولية للانشاءات والمقاولات خفض من قيمة التكلفة ما يقارب 15 مليون دينار وتمت الاحالة بمبلغ 10 مليون دينار وحول تساؤل البعض لماذا تمت احالة العمل على الشركة العربية فأن مبررات ذلك المنطقية هي انها شركة من الدرجة الاولى بحسب تسجيلها وان مكان العمل هو منطقة حدودية ولا يمكن ان يعهد بالعمل فيها الى اي جهة اضافة الى ان عمليات الهدم تحتاج الى استخدام المتفجرات والشركة العربية هي الاقدر على التنسيق مع سلاح الهندسة الملكي واستشارته في وسائل واساليب الهدم وغيره .

عملية ازالة الصوامع اعادت للذاكرة اتفاقية تطوير ارض الميناء الموقعة بين الحكومة الاردنية وشركة المعبر الدولية وحيث ان رجم تلك الاتفاقية بات مقصد كل من هب ودب فلا بد ايضا من التوضيح وعودة الى عام 2000 حيث عهدت الحكومة الى مكتب استشاري عالمي لدراسة واعداد مخطط شمولي لمنطقة العقبة الاقتصادية الخاصة ينظم واقع الاعمال الاستثمارية وحيث ان قطاع السياحة يساهم بنسبة تزيد على 50 بالمائة من مجمل ما ترفده العقبة في الناتج المحلي الاجمالي ,اشارت الدراسة الى ضرورة نقل الميناء القديم من مكانه في الشاطيء الاوسط الى الشاطيء الجنوبي ليكون الشاطيء الاوسط مخصصا للمشاريع السياحية ذات القيمة المضافة العالية في الاقتصاد الوطني وليكون الميناء الجديد على مقربة من كافة النشاطات اللوجستية المتواجدة على الشاطيء الجنوبي وهي منطقة صناعية بامتياز ومنطقة استيراد وتصدير لمواد خام مختلفة مثل البوتاس والفوسفات والكيماويات اضافة الى وجود ميناء الحاويات الذي شهد تسارعا في الانتاجية وتضاعف عليه طلب الخطوط البحرية الدولية وهنا بدأت الفكرة وعملية تنفيذ المخطط الشمولي على ارض الواقع وبدأت عمليات انشاء ميناء العقبة الجديد والتي انتهت تقريبا كافة مراحلها حاليا وفي الدراسات الاولية التي وضعت لغايات حجم الميناء الجديد كان من المقرر ان تتم عملية الانشاء لكافة ارصفة الميناء على ثلاثة مراحل بحيث تكتمل المرحلة الثالثة في العام 2040 ولكن اصرار القائمين على العمل ومن خلال دراسة حاجات السوق الاقليمي لاستخدام ميناء العقبة في عمليات اعادة الاعمار في الدول التي تضررت جراء ما شهده الاقليم من حروب وصراعات ادى الى اكمال المرحلة الثالثة بحلول هذا العام وفي ذلك وفرا ماليا كبيرا فيما لو تم التنفيذ في التاريخ المحدد عام 2040 .

بدأت الحكومة بعد ان تقرر نقل الميناء جنوبا في البحث عن مطور ومستثمر لاستغلال موقع ارض الميناء القديم وتم طرحه كفرصة استثمارية اقليميا وعالميا وكانت افضل العروض المقدمة قد بلغت فقط 120 مليون دينار وبناء على علاقاتنا التاريخية مع دولة الامارات العربية المتحدة تقدمت شركة المعبر الدولية وهي شركة حكومية اماراتية بعرضها لتطوير الموقع بكلفة 500 مليون دولار على ان تقيم في الموقع استثمارات سياحية وعقارية ومنتجعات وفنادق وابراج اعمال بقيمة تصل الى 6 مليار دينار شريطة تسليم ارض الميناء خالية من اي مبنى وتمت موافقة الحكومة على ذلك واشترطت الاتفاقية ان تكون حصة الحكومة 3 بالمائة من الدخل المتأتي من هذا الاستثمار وان يوفر المشروع ما يزيد على عشرة الاف فرصة عمل للاردنيين .

بلغت مساحة الارض التي ابرمت بموجبها الاتفاقية 3260 دونما منها 1260 دونم ارض الميناء القديم والفي دونم كانت ضمن سلسلة الجبال المطلة على العقبة وهي منطقة ذات تضاريس جغرافية صعبة ووفق منطق الحسابات الرياضية فأن ثمن الدونم الواحد بلغ 154 الف دولار لكافة مساحة الارض الشاطيئة وغيرها واذا علمنا ان الدول ذات الاقتصاديات الصعبة تلجأ الى الاستثمار الاجنبي المباشر بصفته يشكل ملاذا للخروج من الازمات الاقتصادية وفي سبيل ذلك فأنها تقدم الارض مجانا وتقدم تسهيلات في الضرائب واعفاءات تصل الى حد الصفر من اجل توطين الاستثمار وخلق فرص العمل وتوفيرها وهي القيمة المضافة الاساسية من اي استثمار اجنبي مباشر .

اخيرا تساؤل لا بد منه اوجهه الى المتباكين على الاطلال ومن لا يعجبهم العجب ولا الصيام في رجب هل نريد حقا ان نجلب الاستثمار الاجنبي الى الوطن ونعمل على توطينه وتوليد فرص العمل للاردنيين الواقفين في طابور البطالة يبحثون عن لحظة امل في الحصول على عمل ام اننا فقط نريد ان نرجم المسؤول ونشكك فيه وننظر بعين الشك والريبة الى كل قرار يتم اتخاذه وهل ما يمارسه البعض من اشاعات بحق الوطن ومؤسساته يستهدف التصحيح ام يستهدف اغتيال الناس والوطن وسمعته ؟؟؟؟ .

وكالة كل العرب الاخبارية



تعليقات القراء
لايوجد تعليقات على هذا الخبر
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد

الحقول التي أمامها علامة * هي حقول لابد من ملأها بالبيانات المطلوبة.

:
:
:
 
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
كيف تتوقع نهاية الاحداث الجارية في قطاع غزة؟



تابعونا على الفيس بوك