المزيد
هل نحن دولة حقيقية أم خيال

التاريخ : 17-02-2019 |  الوقت : 12:24:02

أجهزة الدولة تركت الحبل على الغارب لتسلل فئة حكمت خلال السنوات الماضية وشجعت الحرية الفردية على حساب حرية المجتمع وصون أخلاقياته، فبات الجيل الشاب لا يلقي أي إحترام لكبار العائلة ولا لمكانة الوظيفة ولا يحترم والده إلا بمقدار ما يوفره له من مال واحتياجات

...................................................................................................................

لم تكد جثامين الشهداء الأخيار في السلط ترقد في قبورهم، حيث قضّوا نتيجة إنفصام عقلي ضرب مجموعة إرهابية ظنت أنها يد االله على الأرض فزرعوا ألغاما في حقل يطعم الناس، حتى اندلعت في عجلون أحداث شغب ومقاومة للجهاز الأمني الذي نعرف أن وظيفته هي الحفاظ على أمن المواطن وتطبيق النظام، فكيف يصبح رجل الأمن خصما مباشرا وعدوا متوقعا في نظر البعض، ليس عجلون وحدها بل وفي أي مكان آخر من الوطن، فهل هناك فعلا نظرية منحرفة أم أن العلاقة بين الأطراف مبنية على مبدأ الكراهية للبّاس الرسمي؟

أعتقد أن لا شيء مما ذكر، ولكنها مقاربة خلقتها الحالة النفسية المضطربة لدى الشارع الأردني الذي بات تحت ضغط هائل جعله كالجلد المحروق، لا أحد يلمسه دون صراخ ورد فعل عنيف، و هذا ما لم تفهمه أجهزة الدولة التي تركت الحبل على الغارب لتسلل فئة حكمت خلال السنوات الماضية وشجعت الحرية الفردية على حساب حرية المجتمع وصون أخلاقياته، فبات الجيل الشاب لا يلقي أي إحترام لكبار العائلة ولا لمكانة الوظيفة ولا يحترم والده إلا بمقدار ما يوفره له من مال واحتياجات، فهي علاقة ذيلية، تماما كما هي علاقة الكثير منا مع جهاز الدولة، المستفيد مدّاح والمحرّوم «ردّاح».

في السلط، كان الخميس لئيماً جدا، ودون الخوض في تفاصيل بات الجميع يعرفها، فإن الوفاة لمواطن وهو يكدح في سبيل عيشه هي شرف الشهادة، ووفاة ضباط المخابرات وجرح زملائهم من الأمن العام هي شرف الشهادة والبطولة لأنهم كانوا في مهمة أنقذت حياة غيرهم من المواطنين الأبرياء، وهذا ديدن أبنائنا في المنظومة العسكرية ممن هم رأس حربة دائما للدفاع عن المواطن والوطن، ولا علاقة لهم بمن باع ومن اشترى، ومن سرق ومن إخطوطب، وهذا الفقير المحترم والثري المحتقر.

القضية لم تعد تحدياًٍ بين شاب غرّ أو خارج على القانون أو معارض سياسي وبين جهاز الدولة الأمني، بل هو تحدٍ كبير بين الدولة برمتها وبين المواطنين، فمنظومة الدولة باتت بين حجري رحى يطحن بعضها بعضا، حيث قضية الإيمان بأننا دولة مؤسسات وبنية إقتصادية وطنية وحكومات تفكر لخدمة الشعب ولا تفكر بخدعة الشعب، وتدعم عقيدة الحب والتضحية والخضوع والإيثار والوفاء لتراب الوطن ومرافقه دون حساب المصالح، باتت قضية خاسرة لأن العاملين على الدولة لم يعد يهمهم أكثر من الوفاء لصندوق النقد مثلا بدل الوفاء لصندوق الشعب، وهذا إختلال خطير لمعايير الحفاظ على الأمن الوطني.

كيف تتحول قضية إعتقال مواطن واحد الى قضية شعبوية، لما يشبه المعركة والترويع المدني باستخدام الأسلحة، وفي أي منطقة في بلدنا، هل نحن على أبواب «الردّة» أم أن أخانا رجل الأمن بات «جستابو» مرعب في نظر الجيل الجديد من الذين لم يتحمل آباؤهم مسؤولية تربيتهم الأخلاقية والوطنية بعيدا عن حسابات الضريبة والغرامات والمخالفات والفقر، وهذا ما يسهل إنجرار الشباب لخطاب الخبثاء ليكونوا ضمن الخلايا الإرهابية التي ضربت وطننا.

فهل نريد أن نبقى دولة حقيقية تحافظ على مستقبلها، وإعادة ثقة الشباب وتدعيم ثقة من لا يزال، أم نتركها لمهب رياح المفسدين والثرثارين، والإتهاميين كذبا، وزعران المصالح.. أفهمونا. الرأي

وكالة كل العرب الاخبارية



تعليقات القراء
لايوجد تعليقات على هذا الخبر
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد

الحقول التي أمامها علامة * هي حقول لابد من ملأها بالبيانات المطلوبة.

:
:
:
 
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
كيف تتوقع نهاية الاحداث الجارية في قطاع غزة؟



تابعونا على الفيس بوك