المزيد
الخصاونة يكتب: تطبيق شرط العمر على مجالس أمناء الجامعات

التاريخ : 28-07-2020 |  الوقت : 10:19:52

وكالة كل العرب الاخبارية

دد. انيس الخصاونة

تجمع معظم أنظمة الخدمة المدنية وأنظمة العمل والعمال في دول العالم على أن سن التقاعد المناسب للموظف هو 60 عاما ،حيث أن هذا العمر حسب ما تؤشر إليه عدد من الدراسات يشكل منعطفا يبدأ الفرد فيه بالدخول في مرحلة الشيخوخة والتي غالبا ما تشهد اعتلالات جسدية وتراجع في حالته الصحية. صحيح أن الأفراد قد يتباينون في مدى وحجم التراجع الصحي بعد سن الستين، وصحيح أيضا أن بعض الأفراد قد يكونوا بأوضاع تتيح لهم الاستمرار في الخدمة لما بعد هذا العمر ،لكن هذه الحالات تبقى فردية ويبقى المؤشر العام لسن التقاعد سليما من حيث أنه مستند لولوج الفرد في مرحلة الشيخوخة التي غالبا ما يصاحبها مشاكل تتعلق باللياقة الصحية ،وتراجع في التركيز، وتغير في الاهتمامات .

الأردن ليس بعيدا عن التجارب العالمية في موضوع اعتماد عمر الستين لأغراض الإحالة على التقاعد ،حيث أن قانون الخدمة المدنية وأنظمة العمل والعمال تعتمد هذا العمر.أما بالنسبة للجامعات الأردنية الرسمية فقد نهجت منهجا مختلفا إذ أتاحت قوانينها وأنظمتها استمرار خدمة أعضاء الهيئة التدريسية فيها إلى عمر 70 سنه. وفي الوقت الذي يمكن تفهم مسوغات تمديد فترة خدمة أساتذة الجامعات لعمر السبعين وذلك في إطار النقص الكبير في عدد حملة الدكتوراه في التخصصات المختلفة ،وفي ظل زيادة الإقبال على الدراسة الجامعية ،وتنامي عدد الجامعات في المملكة ،فإن تمديد استمرارية خدمة الأساتذة الجامعيين إلى سن 75 أثار جدلا كبير حول جدواه وتداعياته على مجمل العملية التعليمية في الجامعات آخذين بالحسبان أن شرط اللياقة الصحية للتمديد لعضو الهيئة التدريسية هو شرط عام ويسهل تجاوزه ،ناهيك عن أن اشتراط اللياقة الصحية وعدم المعاناة من أمراض جسدية قد لا يؤشر إلى الصلاحية للتدريس.

لا أعلم كيف يمكن قياس اللياقة الذهنية لعضو الهيئة التدريسية، ولا أعلم كيف يمكن قياس قدرته على التركيز واستعداداته لمواكبة التكنولوجيا مثلا؟ قانون الجامعات الأردنية الرسمية رقم(18) لسنة (2018) وتعديلاته أتاح إمكانية استمرار عضو هيئة التدريسية لعمر 75 شريطة وجود حاجه لتخصصه وتمتعه باللياقة الصحية دون التعرض للياقة الذهنية وقدرته على التركيز وغير ذلك.

لم يكن الهدف من هذا المقال الكتابة عن جدوى التمديد لأعضاء الهيئة التدريسية لسن 75 فقد كتبنا عن هذا الموضوع غير مرة وبينا موقفنا منه ونحن نقر هنا أن الموضوع جدلي ويحتمل أكثر من رأي ووجهة نظر .

نحن نتفهم حرص بعض مجالس أمناء الجامعات الرسمية على عدم التمديد لأعضاء الهيئة التدريسية لما بعد سن السبعين، ووضع هذه المجالس بعض الشروط والمعايير التي تقيد هذا الاستمرارية وتجعلها محدودة رغم أن هذه المعايير والشروط تشكل تغييرا في محتوى قانون الجامعات الأردنية رقم 18 لسنة 2018 وإضافة على نصوصه .القضية التي أردنا أن نسلط الضوء عليها هي انه إذا كان هنالك محاذير وتداعيات للتمديد لأعضاء الهيئة التدريسية لما بعد سن السبعين فإنه من باب أولى أن يكون هنالك معايير لتعيين رؤساء وأعضاء مجالس أمناء الجامعات تتعلق بالعمر. لا أعلم كيف يمكن أن نتجادل حول جدوى التمديد لعضو الهيئة التدريسية لسن 75 في حين أن معظم رؤساء وأعضاء مجالس أمناء الجامعات الرسمية الأردنية تجاوزوا الخامسة والسبعين من أعمارهم المديدة ،لا بل فإن بعضهم تجاوزوا الثمانين من أعمارهم ؟لا أعلم كيف يمكن أن نتحدث عن اللياقة الصحية لعضو الهيئة التدريس وصلاحيته للتدريس في الوقت الذي يمارس رؤساء وأعضاء مجالس أمناء ممن تجاوزت أعمارهم الثمانين مهام التخطيط للجامعات، ورسم مستقبلها، ووضع سياساتها ،وتقييم رؤسائها ،والانخراط شبه اليومي بأعمالها مما أدى إلى ما يسمى بتشكل رأسين لجسد واحد في نفس المؤسسة وأدى إلى التضارب مع مبدأ إداري عالمي مستقر ومتعارف عليه وهو وحدة الأمر(Unity of command).

أعتقد أن المشرعين قد جانبهم الصواب بإغفالهم شرط العمر لرؤساء وأعضاء مجالس الأمناء وإبقائهم الأمر مفتوحا لمن يمكنه أن يكون رئيسا أو عضوا في مجلس أمناء جامعة بغض النظر عن عمره الميمون. مجالس أمناء الجامعات تتردد في/أو تعيق التمديد لعضو الهيئة التدريسية الذي بلغ السبعين من العمر في حين أن معظم هؤلاء الرؤساء والأعضاء بلغوا سن الثمانين أو هم على مشارفها وآعجبي!!
وزارة التعليم العالي والبحث العلمي مدعوة لدراسة موضوع مجالس الأمناء وخصوصا في جانبين مهمين اثنين هما: موضوع العمر وضرورة أن لا يتجاوز الخامسة والسبعين سواء لرئيس أو أعضاء مجلس الأمناء ،والجانب الثاني متعلق بالتداخل بين مهام وصلاحيات مجلس الأمناء والصلاحيات التنفيذية لرئيس الجامعة وفريقه الإداري.

مجالس الأمناء بوضعها الحالي تشكل عبئا ثقيلا على الجامعات ولا تضيف جديد ،لا بل فإن هناك اعتقاد في بعض الأوساط الجامعية بان تجربة مجالس الأمناء بكل المعايير تجربة فاشلة وأن هذه المجالس المسنة أصبحت نفسها من أبرز التحديات التي تواجه إدارات الجامعات التي أضحت تعاني من التغول والازدواجية في الإدارة والتعدد في المرجعيات.

 


تعليقات القراء
لايوجد تعليقات على هذا الخبر
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد

الحقول التي أمامها علامة * هي حقول لابد من ملأها بالبيانات المطلوبة.

:
:
:
 
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
كيف تتوقع نهاية الاحداث الجارية في قطاع غزة؟



تابعونا على الفيس بوك