المزيد
الــــصــــبــر كـــنـــز مـــــن الفيتامينـــات والمــعـــــــادن

التاريخ : 09-01-2013 |  الوقت : 12:55:56

.

تكثر فاكهة الصبر في بلادنا، وفي باقي بلاد الشام، في فصل الصيف، وتباع فيالأسواق، ومن قبل الباعة على جوانب الطرق. وتعرف هذه الفاكهة في الجزيرةالعربية باسم "الصبر" وفي مصر باسم "التين الشوكي" وفي بلاد المغرب العربيباسم "كرموس النصارى".

 

وقد حظيت هذه الفاكهة، مؤخراً، بجملة من الدراسات والابحاث الطبية، نظراً لقيمتهاوفوائدها الغذائية والطبية. وما يثير الأسف أنها لم تحظى بهذا الاهتمام من قبلالمهتمين، وعامة الناس في البلاد العربية، مثلما حظيت به في العالم الغربي. وما يثيرالأسف، كذلك، أن كثيراً من مناطق العالم، بدأت الاهتمام بنبات الصبر، وتوسيع رقعةانتشاره للحصول على ثماره وأوراقه، في حين يبذل الكثيرون في الوطن العربي، جهدهملإزالة هذه النبتة وثمارها المعطاءة، غذاء وصحة، والواعدة في احتمالات الاستفادةالعلاجية من اجزائها.

الصبر في الطب القديم

وقد حظيت هذه النبتة باهتمام العرب قديماً، واستخدموها في كثير من العلاجات الطبية.وكان للرسول الكريم نصيب منها، فقد روي عن نبيه بن وهب فقال: "خرجنا مع أبانبن عثمان، حتى اذا كنا بملل اشتكى عمر بن عبيدالله عينيه، فلما كنا بالروحاء اشتدوجعه، فأرسل الى أبان يسأله، فأرسل اليه أن اضمدهما بالصبر، فإن عثمان رضي اللهعنه، حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرجل اذا اشتكى عينيه وهو محرمضمدهما بالصبر"(رواه مسلم في كتاب الحج).

وروت أم سلمة، رضي الله عنها فقالت: "دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلمحين توفي أبو سلمة، وقد جعلت عليّ صبراً فقال: ماذا يا أم سلمة؟ فقلت: إنما هوصبر يا رسول الله ليس فيه طيب. قال عليه الصلاة والسلام: انه يشبّ الوجه فلاتجعليه الا في الليل" (يشب الوجه: أي يلونه ويحسنه).

وقال عن الصبر الطبيب المسلم ابن سينا: "انه ينفع من قروح العين وجربها وأوجاعهامن حكة المآق، ويخفف رطوبتها، وله قوة قابضة مجففة للأبدان منومة، والصبر الهنديكثير المنافع، مجفف بلا لذع وفيه قبض يسير".

 

الصبر وسكر الدم:

قال الباحثون في جامعة "أوتونوما دي باجا كاليفورنيا" في مدينة "تاجيانا" بولاية "باجاكاليفورنيا" المكسيكية، إن مما هو تقليدي تناول المكسيكيين لأوراق ما يُدعى بـ "نوبال" Nopale، وهي من أنواع أشجار الصبار. وهي الأوراق الوسادية المفلطحة للشجرة التيتُعطي ثمار التين الشوكي، والتي يتم قطاف أوراقها حينما تكون بحجم صغير، وتزالعن أسطحها تلك العقد الشوكية. وتتوفر للمستهلكين بالأسواق إما طازجة أو معلبة أومجففة، كي تُستخدم في إعداد أطباق عدة، مثل التاكو أو بإضافة البيض إليها أو فيالحلويات أو غير ذلك. وتتميز بطعمها اللاذع و قوامها الجيلاتيني القاسي شيئاً ما،والقليلة المحتوى من السكريات.

وهذه الأوراق، كما يقول الباحثون، غنية بفيتامينات  A, C, K, B6، وكذلك بالمعادنمثل المغنيسيوم والبوتاسيوم والكالسيوم والحديد والنحاس. لكن الأهم هو أنها غنية جداًبالألياف الذائبة المفيدة في تقليل امتصاص الأمعاء للسكريات وللكولسترول والدهون. وهوما يُؤدي إلى خفض المؤشر السكري glycemic  index  للمنتجات الغذائية الأخرى،حال تناولها مع إضافة أجزاء من أوراق الصبر إليها. أي ما يقلل من ارتفاع نسبةسكر الدم مباشرة عند تناول أطباق الأطعمة المحتوية على منتجات غذائية عالية المؤشرالسكري. والمؤشر السكري لمنتج غذائي ما، هو مقياس لتحديد مدى سرعة ارتفاع نسبةالسكر في الدم بعيد تناول ذلك المنتج الغذائي. وعلى سبيل المثال، فإن النشأ أو القمحالمجروش غير المقشر يُعتبران منخفضا المقدار في حساب المؤشر السكري. ونسبة سكرالدم لا ترتفع بسرعة بعد تناول أي منهما أو تناول أطعمة سكرية يُضاف أي منهماإليها. بينما الحلويات والعسل والتمر هي من المنتجات العالية في مقدار المؤشر السكري،لأن نسبة سكر الدم ترتفع بشكل سريع مباشرة بعد تناول أي منها. وهنا يأتي دورالذكاء في إعداد وتناول هذه المنتجات عالية المؤشر السكري. ولذا نجد من يُضيفالسمن إلى العسل، أو السمسم إلى العسل، أو الجوز أو السمن إلى التمر، كي تُخففالدهون من حدة الارتفاع السريع في نسبة سكر الدم حال تناول العسل أو التمر.والألياف الذائبة أحد الخيارات الأخرى في تخفيف سرعة امتصاص الأمعاء للسكريات.وتناول إضافات من أوراق الصبر لأطباق الأطعمة يُؤمن كميات جيدة منها. وهوبالضبط ما حاول الباحثون من خلال دراستهم إثباته، وتوصلوا إلى ذلك، وفق ما أكدتهالباحثة الرئيسية في الدراسة، الدكتورة مونتسيرات باكاردي ـ غاسكون. وتبين للباحثين أنمقدار معدل سكر الدم كان أقل بنسبة وصلت إلى حد 48% عند إضافة قطع أوراقالصبر إلى ثلاثة أطباق مختلفة من الأطعمة المتناولة في وجبة الإفطار، مقارنة بتناولنفس الأطباق الثلاثة بلا إضافة تلك القطع الخضراء من أوراق شجر التين الشوكيوالصبر.

وكان تعبير الباحثين دقيقاً بقولهم إن النتائج توفر لمرضى السكري وسيلة طبيعية وأكثرالتصاقاً بعاداتهم الغذائية اليومية، بالنسبة للمكسيكيين، في معالجة ارتفاع نسبة سكر الدم،وهو ما يجدر بالباحثين في مناطق أخرى من العالم التنبه إليه، أي الاهتمام بالبحث فيالمنتجات الغذائية التي يُحب الناس تناولها أو يُقبلون على ذلك تبعاً لعاداتهم الاجتماعيةفي الأكل، كي يجدوا منها ما يُفيد صحتهم ويضبط أمراضهم.

 

أوراق الصبر:

الأنواع المأكولة بأمان من أشجار الصبر cactus هي الأشجار المعروفة التي تُعطيثمار الصبر أو التين الشوكي prickly pear وأيضاً الأوراق cactus leaves المفلطحةالوسادية البيضاوية الشكل، أو ما يُعرف باسمnopales .

وهذا الجزء الأخضر، الذي يُعتبر من الخضار المأكولة بشكل طبيعي في أجزاء منالعالم، وخاصة المكسيك، لين وذو قوام متماسك يشعر المرء به حال الطحن بين الأسنانcrunchy texture ويصبح بعد الطهو ذا قوام أكثر لزوجة والتصاقاً، لكن ليس إلىالحد الذي يحصل مع طهو البامية okra أما ثمار الصبر، أو التين الشوكي، فهيفاكهة بيضاوية الشكل، يبلغ طولها ما بين 2 إلى 4 بوصات (البوصة 2.5 سم تقريبا).وتتراوح في ألوان طبقة غطائها الخارجي وكذلك في لون الثمرة الداخلية ما بينالأخضر أو الأصفر أو البرتقالي أو الأحمر. وتنتشر على غلافها مجموعات من العقدالشوكية. وهي من الفواكه الحلوة الطعم والمليئة بالبذور الصلبة.

وكمية حصة غذائية واحدة منه، بوزن 90 غراما، تُعطي 15 كالوري (سعر حراري)،ولا تحتوي على دهون. وبها حوالي ثلاثة غرامات سكريات، وغرام واحد بروتينات،و20 مليغراما من الصوديوم. وهي غنية، كما تقدم، بالألياف الذائبة والمعادنوالفيتامينات، خاصة منها مضادات الأكسدة، وتحتوي على طيف واسع من الأحماضالأمينية، التي منها تُبنى مركبات البروتينات.

ووفق ما يقوله البروفسور تشارلز ويبر، أستاذ علوم التغذية بجامعة أريزونا بالولاياتالمتحدة، فإن أهم عنصر غذائي في أوراق شجر التين الشوكي هو الألياف الذائبة. وهيالتي في المادة اللزجة mucilaginous polysaccharide  داخل تلك الأوراق. والأبحاثمتجهة منذ مدة نحو دورها في خفض ارتفاع سكر الدم لدى مرضى السكري.

والواقع أن الدراسات بدأت في الظهور على صفحات مجلات طبية متخصصة مثل مجلةرعاية مرضى السكري وأرشيفات الطب الفحصي، منذ عام 1988 للدكتور فراتموناري. وتبعتها عدة دراسات، منها ما نُشر في مجلة تكساس للصحة الريفية عام1998 للدكتور كيث ريبيرن. ومنها مراجعة الدكتور شابيرو والدكتور غونغ عام 2002بمجلة الرابطة الأميركية للصيادلة. وبعضها طرح جانب فائدة الأوراق هذه في تخفيفالتهابات المعدة أو معالجة الإسهال أو تخفيف حدة تفاعلات الحساسية الجلدية، كالتيصدرت للدكتور بارك عام 1998 بمجلة أرشيفات أبحاث الصيدلة، بل حتى سبق أن عُقدعام 1998 المؤتمر الدولي للتين الشوكي وأوراق أشجاره في تشيلي.

وثمة العديد من الدراسات التي أُجريت، والتي لا يتسع المقام لعرضها. لكن المهم فيهاأن تلك الأوراق لها قيمة غذائية نافعة ضمن التناول المعتدل من قبل من تعودوا عليها.وتعمل على خفض سكر الدم، ما يفرض الانتباه حين تناولها من قبل مرضى السكريالذين يتناولون أيضاً أدوية خفض نسبة سكر الدم.

الصبر.. فاكهة لمن أراد الصحة

ما تدل عليه هذه الدراسات بالعموم هو أن تناول ثمار الصبر سلوك صحي. لكنوصف أحد المنتجات الغذائية بعينه كعلاج لأحد الأمراض المحددة فليس وارداً فيأسلوب الطب اليوم، لا حول الصبر ولا حول غيره. وهذه نقطة مهمة، لأن الغاية هيلفت النظر إلى أن منتجات غذائية معينة، وخاصة الخضار والفواكه، مفيدة للصحة.وعلى الإنسان الراغب في نيل العافية والسلامة الإكثار من تناول تشكيلة واسعة منالخضار والفواكه.

والصبر، أو التين الشوكي، واحد من قلائل ثمار الفاكهة القادرة على النمو والنضج فيالأجواء الصحراوية الحارة، وكذلك في تلك المعتدلة. والنظر الطبي العلمي المجرد نحوثمار الصبر يترك انطباعاً يقوله المرء بعبارة واحدة: كم نحن غافلون عن كل تلكالقيمة الغذائية والفوائد الصحية التي يُقدمها الصبر لنا دون أن نعلم! وإن كان البعضلا يُقبل مطلقاً على تناوله، أو البعض الآخر يتناوله مرات معدودة في السنة عند موسمقطافه، فإن ثمة منْ يحرص على تناوله طوال العام، إما طازجاً أو مجففاً، ابتغاء تزويدالجسم بعناصر غذائية مفيدة وابتغاء نيل الفوائد الصحية له. والواقع أن الشعوب المختلفةتتناوله بطرق عدة، منها الأكل المباشر لقطع الثمر كاملة، أو للعصير المعمول منهابإزالة البذور التي تُؤذي الكثيرين جراء التسبب في حالات الإمساك، أو بإعداد المربياتأو الجلي أو البوظة (الآيسكريم)، أو حتى إعداد مرق يُضاف إلى إعداد قطع اللحمالمشوي.

والأساس في النظر إلى الصبر هو العناصر الغذائية التي تحتويها ثماره.. وتشير مصادرالتغذية إلى أن الثمرة الواحدة من الصبر، بوزن حوالي 100 غرام، تحتوي على طاقةبمقدار 42 كالورى (سعر حراري)، وحوالي غرام واحد من البروتينات، وعشرةغرامات من السكريات، ونصف غرام من الدهون، وحوالي اربعة غرامات من الألياف.وتُصنفه كمصدر ممتاز لفيتامين سي، وجيد للمغنيسيوم، وفق تصنيف وزارة الزراعةالأميركية. وبالرغم من قلة محتوى الثمار من السكريات إلا أن نوعيتها وطريقةامتزاجها بتراكيب نفس الثمرة يعطيان لمتناولها طعماً حلواً في الفم، وهو في هذا أشبهما يكون بالبطيخ.

والثمرة ممتلئة بالفيتامينات والمعادن بشكل متوازن وطبيعي، لرفع مناعة الجسم بالدرجةالأولى. وأهمها الكالسيوم والمغنسيوم والبوتاسيوم، هذا مع تدني محتواها من الصوديوم.ومجموعات الفيتامينات مثل فيتامين (سي وإيه) على وجه الخصوص. وكذلك تحتوي علىنسبة عالية من المركبات الكيميائية، التي من أهمها تلك المجموعات العديدة والمختلفةالتركيب من المواد الكيميائية المضادة للأكسدة من نوع فلافانويد flavanoids، وهيمركبات كيميائية تعمل ضمن منظومة جهاز مناعة للجسم من نوع مختلف تماماً عنجهاز مناعة الجسم المعروف، لأن جهاز مناعة الجسم المعروف والمكون من خلايا الدمالبيضاء وغيرها ومن المركبات الكيميائية المعروفة باسم الأجسام المضادة، تعمل فيمواجهة الميكروبات من فيروسات وبكتيريا وفطريات وطفيليات. بينما أنظمة الموادالمضادة للأكسدة تعمل في اتجاهات أخرى لحماية الجسم من تأثيرات العوامل البيئيةوتقدم العمر والعمليات الكيميائية غير المنضبطة. ولذا تُسهم في تخفيف أعراضالشيخوخة وتأثيرات الإشعاعات وأشعة الشمس والحرارة والسموم واضطرابات الكولسترولوالخلايا السرطانية والتهابات المفاصل وغيرها.

والطب التقليدي للعديد من شعوب العالم تنبه إلى هذه الثمار الغنية الفائدة. وهو مايُحاول الباحثون اليوم معرفته والتأكد منه من خلال العديد من الدراسات الطبية في هذاالشأن. ومنها اكتشف الباحثون عدة فوائد صحية لتناول الصبر تطال جهاز مناعة الجسملتخفيف حدة عمليات الالتهابات، خاصة في المفاصل والعضلات والبروستاتة، وضبط نسبةسكر الدم، وخفض الكولسترول والدهون الثلاثية، وحماية الشرايين من ترسب الكولسترولداخل جدرانها، وتخفيف أعراض تناول الكحول.



تعليقات القراء
لايوجد تعليقات على هذا الخبر
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد

الحقول التي أمامها علامة * هي حقول لابد من ملأها بالبيانات المطلوبة.

:
:
:
 
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
كيف تتوقع نهاية الاحداث الجارية في قطاع غزة؟



تابعونا على الفيس بوك