قد يكون بعض التذمُّر مقبولاً بالنسبة لتزايد أعداد اللاجئين من الأشقاء السوريين الأعزاء فعلاً أمَّا الإستهداف وعلى هذا النحو الذي نسمعه وإنْ من فئة قليلة فإنه مستغرب جداً من قبل الأردنيين الذين هم «شوامٌ» بالمصطلحات الجغرافية القديمة والذين بلدهم، المملكة الأردنية الهاشمية، جزءٌ من سوريا الكبرى بالفعل، والذين هم قبل هذا وذاك عربٌ أقحاح يعتزون بإنتمائهم القومي وقد بقوا يستقبلون أشقاء لهم ما يلبثوا أنْ أصبحوا جزءاً منهم على هذا الأساس.
إنَّ من إستقبلوا أشقاءهم الذين جاءوا إليهم إنْ من الغرب وإنْ من الجنوب والشرق والذين كوَّنوا معهم هذا المجتمع التعددي الموحد الفعَّال والبنَّاء والجميل لا يجوز إطلاقاً ان تضيق صدورهم بأقرب العرب إليهم وبخاصة وأن هؤلاء قد أُجبروا تحت ضغط قذائف المدافع وهدير الطائرات وفضائع «الشبيحة» الطائفيين على الإحتماء بهذا البلد وعلى العيش الصعب في هذه المخيمات المزرية التي هي مؤقتة على أيِّ حال فالفرج بات قريباً بإذن الله.. ولهذا فإنه يجب عدم السماح لقلَّة موتورة أن تجعل التاريخ يسجل على الشعب الأردني أنه لم يرحِّب بمُستجير وأنه لم يتقاسم لقمة العيش وقطرة الماء مع إخوة ساقتهم الأقدار إلى هذا الوضع المأساوي الذي فُرض عليهم فرضاً الذي أصبحوا عليه.
إنه لا جدال إطلاقاً في أنَّ كل هذه الأعداد المتزايدة، من الذين يفرون يومياً بأطفالهم وكراماتهم وأعراضهم وأرواحهم من بطش نظام إستبدادي عائلي ظالم، قد تجاوزت طاقة الأردن ومقدرته لكن ما العمل وهذا هو قدرنا وهذه هي رسالتنا وهذا هو دورنا القومي الذي بقينا نلتزم به.. وهل من الممكن يا ترى أن نقبل أن يُسجِّل جيلنا هذا على أبنائنا وأحفادنا أنَّ آباءهم وأجدادهم قد أغلقوا الأبواب في وجوه أقرب الأشقاء وأعزهم الذين لم يجبرهم على المرِّ إلاَّ الذي أمرَّ منه والذين، وقد باتت سوريا الحبيبة تغرق في بحور من الدماء على هذا النحو المؤلم والموجع، كان خيارهم الإحتماء بهذا البلد وأهله لإعتبارات كثيرة أولها أواصر القربى وواجبات الجوار.
ولهذا فإنه على الأردنيين أن يلفظوا هذه القلَّة الرديئة التي إمَّا لجهل أو قلة أخلاق أو لإنحياز إلى جانب الجزار ضد الضحية قد دأبت على الإساءة لهؤلاء الأشقاء والتشنيع عليهم وإلصاق تهم غير صحيحة بهم..وهذا غير جائز ويجب التصدي له بكل جرأة وشجاعة وهنا فإنه علينا أن نفاخر بقواتنا المسلحة-الجيش العربي التي بقيت وعلى مدى عامين تواصل الليل بالنهار وتتحمل ما لم تتحمله رواسي الجبال من أجل توفير الملاذ الآمن لأطفال هم أطفالنا ولأمهات وبناتٍ هنَّ أمهاتنا وبناتنا قد جار عليهم الزمن ولم يجدوا ما يستجيرون به إلاَّ هذا البلد العربي الذي هو بلدهم وإلاَّ هذا الجيش العربي الذي هو جيش الأمة العربية.
إننا بحكم تكوين بلدنا وبحكم تكويننا العربي وبحكم أواصر الدم والقربى وبحكم القيم الإنسانية التي نتمسك بها وبحكم اننا غير محكومين بمليشيات حزب كحزب الله اللبناني على أن لا نقتدي بمن هددوا بإغلاق حدودهم أمام أخوة وأشقاء بحجة أن أعدادهم قد تجاوزت الأرقام المحتملة.. فهل المطلوب يا ترى أن نردهم على أعقابهم ونسلم أجسادهم وأجساد أطفالهم لشظايا القنابل والصواريخ ونسلم كرامات بناتهم لفضاعات «الشبيحة» المتوحشين.. أمْ أنْ نجبرهم تحت ضغط هذا كله على الإحتماء بالإسرائيليين واللجوء إليهم لتحقيق نبوءة الشاعر الفلسطيني يوسف الخطيب الذي قال في ستينات القرن الماضي:
أأمتـي يا شمـوخ الرأس متلعـة
من غلَّ رأسك في الأوحال والركب
أأنت أنت أم الأرحام قاحلة
وبدَّلت عن أبي ذرٍّ أبا لهب
لا يجوز أن يُسجَّل على الأردنيين أنهم سمحوا بالإساءة إلى هؤلاء الأشقاء الأعزاء الذين جاءوهم مستجيرين وفارين بأرواح أطفالهم وكرامات بناتهم ونسائهم وهنا وإذا كانت بين ظهرانينا إمتدادات فردية لـ»شبيحة» هذا النظام المجرم هي التي تسيء لأخواننا من أبناء الشعب السوري هؤلاء فإنه علينا أن نضرب على أيديهم بيد من حديد لنجبرهم إما على الإلتزام بقيم الشعب الأردني وإمَّا على الإلتحاق بمليشيات حزب الله وفيلق القدس للقتال في أنْذل المعارك التي عرفها التاريخ.
عن الرأي الأردنية