المزيد
لماذا الحوار

التاريخ : 26-03-2013 |  الوقت : 11:02:47

وكالة كل العرب الاخبارية : سئل أحد المسؤولين الكبار في جماعة الاخوان المسلمين عن الاسباب التي دعت الجماعة لفتح خطوط اتصال مع الغرب وتحديدا مع الولايات المتحدة الامريكية فأجاب: «قضية الحوار مع الغرب هي فريضة شرعية ورسالة تبليغ لدى الجماعة، وان ملفات عديدة تتمثل بالاصلاح الداخلي واستكمال الاصلاحات والحوار مع الغرب هي بمجملها قضايا كانت وما زالت ضمن اولويات الجماعة».

* ان هذا التوجه لدى الحركات الاسلامية ممثلة بجماعات الاخوان المسلمين لفتح حوار مع الغرب للاسباب التي طرحها المسؤول القيادي الكبير، تثير تساؤلات لدى المواطن العربي، فما هي غايات الحوار وما هي الفوائد التي ستحققها الجماعات منه؟.

هل تحول الغرب الى دول صديقة يمكن كسبها لصالح قضايا الامة وفي مقدمتها قضية الشعب العربي الفلسطيني؟ وما هي التفاهمات التي يمكن ان يصل اليها الطرفان، ولماذا تبقى سرية مبهمة على المواطن؟ والى اين تتجه الحركات الاسلامية في سياساتها وهي على ابواب الحصول لاستلام السلطة في اكثر من قطر عربي؟

ألم تكن امريكا العدو اللدود للشعوب؟ هي نفسها التي اقدمت على اتخاذ اكثر من ستين فيتو ضد قضايا الامة القومية وفي مقدمتها قضية فلسطين؟ ام انها غيرت سياساتها وتحولت الى دولة صديقة تقف الى جانب حقوق العرب؟

ثم كيف كانت الحركات الاسلامية تنظر الى امريكا؟ أليست هي العدو الذي يجب ان يحارب وتضرب مصالحه؟ ألم تكن تمثل الشر الذي يجب ان يحارب بكل الوسائل المتاحة؟ ما الذي غير سياسة الحركات الاسلامية من الغرب وامريكا؟

هل هي مصلحتها الخاصة؟ ام هي مصالح الطرفين التي أملت عليهما هذه السياسة الجديدة المتفهمة لمصالح امريكا التي هي بالتأكيد نفس مصالح الكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين؟

لقد قرأنا عدة تصريحات لبعض القياديين من جماعة الاخوان في مصر التي اصبحت قاب قوسين من وصول الجماعة فيها للسلطة تقول انهم سيحترمون الاتفاقيات المبرمة مع الكيان الصهيوني باعتبارها موقعة بين دول، وهم غير قادرين على الغائها؟!

ألم تكن الجماعة ضد هذه الاتفاقيات، واعتقل بعض افرادها من قبل نظام مبارك العميل؟ فما الذي جعلهم يغيرون مواقفهم ويستبدلونها بمواقف قريبة من سياسة نظام مبارك؟

* ان الحوار القائم بين الغرب وامريكا وبين جماعات الاخوان في ليبيا وتونس ومصر والاردن واليمن والمغرب مؤشر خطير ويجب ان تصارح المواطنين عن الاهداف الحقيقية من هذه الحوارات والفوائد التي يمكن ان تتحقق لصالح القضايا الوطنية والقومية وفي مقدمتها قضية الصراع بين القوى القومية والدينية، فلماذا لا يأخذ الحوار مساره الصحيح ليتحول من حوار مع الغرب الى حوار مع القوى الوطنية والقومية؟

لقد حاول عدد من المفكرين في بداية النهضة العربية الحديثة تجديد الحضارة الاسلامية واحداث حركة تجديدية في المجتمع العربي امثال محمد عبده، ولكن الاتجاه الديني السلفي لا يفهم علاقة الاسلام بالعروبة بطريقة رواد النهضة العربية، بل يفهمها بشكل آخر ينتهي بوضع الاسلام في وضع البديل للعروبة، وجعل العلاقة بينهما سلبية!

* لقد تعاملت الفكرة القومية مع قضية الدين بأصالة، ووضعت الاسلام في مكان جليل، فهو مصدر القيم العليا التي تنظم المجتمع والحياة اليومية، ومنه تستمد القومية الكثير من قوتها وتأثيرها في عملية التقدم، وبذلك يوضع الاسلام في اتجاه التطور، بدلا من ان يوضع في اتجاه معاكس له.. ان الفكر القومي هو الاقرب الى رفع الدين. وهو يعني تجدد العروبة وتكاملها، وان مسيرة الامة اذا لم تكن تتركز على الاسلام والعروبة معا، فانها تصبح مسيرة عوجاء.

* ان من اخطر الانقسامات التي تعاني منها الامة هو الانقسام بين الحركات الاسلامية والتيار العروبي، وقد ظلت العلاقة بين التيارين تقوم على الاستبعاد وليس على الاستيعاب، وبلغت العلاقة بينهما في المراحل التاريخية الاخيرة في حياتنا السياسية المعاصرة درجة القطيعة والخصام، بل وتجاوزت حدود الخصام لتصل الى حد العجز عن الفهم. والمطلوب هو لم الشمل ورأب الصدع، ليس فقط بايجاد صيغة للتعايش بين التيارين، ولكن عن طريق التوصل الى صيغة للتلاقي او المشاركة بينهما على المدى الطويل.

* ان على الجماعات الاسلامية التي ناصبت الفكر القومي العداء، وحاربته بكل الوسائل، وباتت تعمل على تهميش القوى الوطنية القومية، مستغلة حالة التشظي والضعف التي لحقت ببعض القوى الوطنية القومية، بسبب المعارك العديدة المتواصلة التي تخوضها ضد القوى الاجنبية الاستعمارية. ان على الحركات الاسلامية، ان تراجع مسيرتها وتعود الى وضعها الطبيعي كجزء من حركة التحرر العربي، وان تقف على حدود التلاقي التي يمكن ان تجمعها مع غيرها، لان المعركة ليست معركة فصيل، ولان المكاسب الموجودة لن تتحقق الا بتوحيد ووحدة القوى الخيرة. فالعدو كبير، وامكاناته لا حدود لها، وهدفه واضح وهو العودة بالوطن الى الاستعمار، والسيطرة على خيراته ومقدراته.

* ان السلبيات التي واكبت مسيرة النضال القومي، فان تقييمها واجب، ولكنه يجب ان يكون من منطلق ايجابي موضوعي، ويهدف الى الاصلاح والبناء واغذاء الفكر القومي، ليخرج اكثرة صلابة وقوة من السابق، وان المعركة التي يخوضها اليوم الفكر القومي وهو يواجه قوى الشر والظلام في معركد تكاد تكون كونية بجوانبها العديدة، ستثمر مستقبلا يؤكد اصالة هذا الفكر وبقائه، وستلد مرحلة نهوض قومي قائم على المقاومة والممانعة واسقاط المشاريع الاستعمارية، والصهيونية في المنطقة.

* ان المطلوب اليوم هو احداث يقظة من نوع آخر، تنبع من وعي الوطن للمؤامرة واخطارها، ومواجهتها وافشالها، وان الحوار القائم على النشاط العقلي من اجل الوصول الى حل المشاكل، ومن خلال ان تكون الاطراف المتحاورة على علم تام بموضوع الحوار، ولديها الاستعداد لاحترام آراء بعضها، وان يكون هدف جميع المتحاورين الوصول الى الحقيقة، فالدعوة اليوم للحوار بين المختلفين في الآراء، هي الوسيلة الكافية بانجاز خارطة طريق المستقبل التي توصل الى مساهمة الجميع ومشاركتهم لخلق بيئة مناسبة تعزز الثقة بين المتحاورين، وتخلصهم من الافكار الخاطئة والوصول الى الحقيقة.

* ان المعركة التي تخوضها جماهير الامة، هي معركة الجميع، وعليها يتوقف مستقبل الاجيال القادمة، فلتكن معركة المصير المشرق المليء بالامل والغد الطالع للجميع، وعلى الجميع يتحدد المستقبل وتشرق شمس الوحدة.



تعليقات القراء
لايوجد تعليقات على هذا الخبر
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد

الحقول التي أمامها علامة * هي حقول لابد من ملأها بالبيانات المطلوبة.

:
:
:
 
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
كيف تتوقع نهاية الاحداث الجارية في قطاع غزة؟



تابعونا على الفيس بوك