وكالة كل العرب الاخبارية : تشهد اروقة مجلس النواب هذه الايام الكثير من الهرج حول قضية اللاجئين السوريين في الاردن ,وكل كلام بهذا الخصوص ينتهي الى المزيد من القلق جراء ارتفاع الرقم وسوداوية المعلومات التي ترد ولا تشجع على السكوت ابدا في مواجهة مأزق حقيقي وجدنا انفسنا فيه بلا مقدمات ولا قدرات رغم خبرتنا الطويلة ,ويسود شعور بالاحباط عندما يكون الرد الاردني على ازمة اصبحت شأنا امنيا بامتياز مقتصرا على الشكوى والتذمر دون اية اجراءات سيادية وحقيقية فاعلة لوضع تشخيص صحيح لحجم وطبيعة المشكلة تمهيدا للعلاج ,والاجراء المطلوب ليس اغلاق الحدود بوجه موجات اللاجئين اليومية وهذا التزام قطعه الاردن على لسان جلالة الملك ,وانما حصر تداعيات هذه المشكلة في مخيمات اللجوء وليس في مدن وقرى المملكة.
يناقش نواب الشعب تداعيات الازمة التي انتقلت الى الاردن دون ان نعي ذلك ودون ان نعترف ان التكلفة المالية هي اقل الكلف التي سيدفعها الاردن ثمنا لفوضى الاستضافة رغم اننا دولة خبيرة في التعامل مع موجات اللاجئين وسبق لنا ان استضفنا أكثر من ربع مليون لاجئ وعائد خلال حرب الخليج الاولى ,وكانت لنا اخطاء فظيعة في التعامل مع قضية اللاجئين والعائدين من الكويت والعراق انذاك , بل لم نعترف اننا تعاملنا مع عملية ادماج واسعة لمجتمعين اثنين بكل ما يعنيه ذلك ,ورغم كبر المشكلة وجديتها شكلت الحكومة آنذاك لجنة للتعامل مع مئات الاف آلقادمين الى الاردن ,وكلفت الهيئة الخيرية بمسألة الايواء والاطعام وكانت الهيئة في بدايات تأسيسها ولا تملك الخبرة الكافية ,واليوم تتكرر الاخطاء ولا يبدو اننا نتعلم من دروس الماضي او نتعظ منها ,هذا ناهيك عن ان مشكلة اللاجئين السوريين أكثر تعقيدا من ازمة لاجئي عام 1990 ,فمئات الالاف من القادمين من الكويت والعراق آنذاك كانوا من عابري الطريق الى بلدانهم ,ولكن عاد الى الاردن ايضا مئات الالاف من الاردنيين ومثلهم من اللاجئين الذي بقوا في الاردن لسنوات وبعضهم لا يزال يقيم في الاردن بعدما تملك واستثمر واصبح اردنيا له كامل الحقوق .
اليوم نحن امام امتحان جديد يفترض اننا من المتفوقين فيه ,ونعلم ان عدد اللاجئين مجرد رقم قد لا يهم اذا طبق نظام صارم في عملية الايواء ,اما اذا ساد الفلتان فأن مئة لاجئ مندس فقط كفيلون بجعل حياة بقية الاردنيين جحيما لا يطاق ,واليوم نحن نتعامل مع لاجئين لا بد من تصنيفهم كل حسب اهداف لجوئة ولا تخدعنا لغة الارقام ولا مقادير المساعدات, لقد قلنا في مقال سابق ان هناك ملاحظات تتعلق بجغرافيا اللجوء السوري الى الاردن يجب ان تؤخذ بعين الاعتبار,ثم ان علينا ان نضع بحساباتنا ان الالاف من اللاجئين ليس لهم اية مبررات للجوء غير العمل في الاردن ,فالقطاع الخاص الاردني بدأ يجني ثمار توفر ايدي عاملة ارخص من العمالة المصرية ,والسوريون ينتشرون في المراكز الصحية اطباء لا نعلم شيئا عن شهاداتهم ,وفي الصيدليات وفي جميع مرافق الحياة الاردنية بلا رقابة لا من النقابات ولا من وزارة العمل فهل هناك اخطر من ذلك ..!
النواب يناقشون القضية بجدية ومعهم كل الحق ,وبين ايديهم اليوم مقترحات واضحة في مقدمتها اخضاع جميع العمالة الوافدة لما يسمى بالفحص الامني (مهنيا وجنائيا )ثم تقرير مدى الحاجة الى عمل هذا او ذاك ,وبعد ان يتقرر ذلك يجب ان يحمل الوافد تصريح عمل ويدفع لخزينة الدولة الخاوية والتي تبحث عن مصادر تمويل صعبة بينما يمكن جنى أكثر من نصف مليار من عائدات تصاريح العمل المهدورة ,فمن اسرار بلدنا ان فيها حوالي مليون وافد يعملون خارج اطار النظام والقانون ولا يستفيد من جهودهم غير اصحاب المزارع الكبيرة وتجار الاسكانات وبعض التجارات الغامضة الاخرى ....وللحديث بقية .
عن الرأي الأردنية