المزيد
سياسة واشنطن لم تتغير نحو مصر منذ أيام مبارك

التاريخ : 05-02-2013 |  الوقت : 12:10:25

بعد فترة طويلة من اضمحلال مشاهد الصور المؤثرة العائدة للثوار المؤيدين للديمقراطية والمدمنين على "فيسبوك" من ميدان التحرير في مصر، بقيت هذه الصور مزروعة بقوة في أذهان المراقبين الأميركيين.

وعلى ما يبدو خلال الجزء الأكبر من السنتين اللتين أعقبتا الانتفاضة المصرية، اعتقد عدد كبير منهم في واشنطن، بأن أي شيء في القاهرة لا علاقة له بالرئيس المصري حسني مبارك خطوة في الاتجاه الديمقراطي.

هكذا فقد كان أمرا مألوفا إعلان "التفاؤل" بالوضع المصري، حتى عندما قام المجلس العسكري في مرحلة ما بعد مبارك بإغلاق المنظمات غير الحكومية وقتل المحتجين، وحتى عندما تبعته جماعة الإخوان المسلمين الحاكمة بالحد من الحريات الصحافية ووظفت العنف ضد المتظاهرين.

وكان أي جدال على عكس ذلك، وملاحظة أن قوتين غير ديمقراطيتين بشكل صارخ كانتا تقودان عملية الانتقال في مصر في اتجاه غير ليبرالي قطعا، يعنيان التهليل ضد الديمقراطية في مصر.

تغير في الموقف

ومع ذلك، تغير الموقف السائد إلى حد ما في الأشهر الأخيرة، فقبضة الرئيس المصري محمد مرسي على السلطة الصارخة بفظاظتها في نوفمبر الماضي، إلى جانب إسراعه بفرض دستور إسلامي في ديسمبر الماضي، قلص من التفاؤل فيما يتعلق بالتزام الإخوان بالديمقراطية.

ولقد حل اعتقاد سائد جديد مكان السابق، وبدأ يزداد قوة، ويتمثل في أن مرسي وزملاءه في جماعة الإخوان المسلمين يمكن أن يكونوا شركاء في دفع المصالح الأميركية في الشرق الأوسط حتى لو لم يكونوا ديمقراطيين.

ومع هذا الرأي السائد الجديد أتى نهج سياسي مبتذل جديد، مفاده أنه لا يفترض بأميركا أن تنتقد مرسي على أساليبه الديكتاتورية، لأن القيام بذلك سوف يعرض العلاقات الاستراتيجية مع النظام المصري الجديد للخطر.

بعبارات أخرى، سنتان بعد إسقاط المصريين الرئيس المصري السابق حسني مبارك بشكل دراماتيكي، ما زالت واشنطن تتبع السياسة نفسها منذ أيام حقبة مبارك، وهذه السياسة تتجاهل الانتهاكات الداخلية للنظام في سبيل الفوز بتعاونه في السياسة الخارجية.

لكن مع نظام جماعة الإخوان المسلمين الحالي، فإن هذا يعد رهانا سيئا قطعا. وهذا يعود لأن التعاون مع واشنطن لا يمكن التوفيق بينه وبين أيديولوجية الإخوان المسلمين المناوئة للغرب بعمق على المدى الطويل، هذه الأيديولوجية التي تعود إلى بداية تأسيسها في عام 1928.

كما أن عداءها العميق تجاه إسرائيل، بالإضافة إلى رفضها التاريخي لمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية لعام 1979، مغروسان على نحو مماثل في جينات جماعة الإخوان المسلمين. وبالطبع، لم تخرج تعليقات مرسي عام 2010 التي جرى نبشها، والتي دعا فيها اليهود "بأحفاد القردة والخنازير" عن سياقها، كما يدعى هو الآن.

لكن بالنسبة إلى أولئك الذين يتبنون الاعتقاد السائد الجديد بأن جماعة الإخوان يمكن أن تكون حليفة لأميركا، فإن هذه التصريحات المناهضة للغرب تمثل لغوا. فقادة الإخوان قد يعتقدون بهذه الأمور في قلوبهم، لكنهم لا يطبقون ما يفكرون به: فمعاهدات كامب ديفيد ما زالت قائمة، وجماعة الإخوان تتواصل بشكل منتظم مع المسؤولين الأميركيين.

وانصار الاعتقاد السائد الجديد ارتاحوا بشكل خاص إلى رد مرسي على الصراع في غزة في نوفمبر، عندما أذن بمفاوضات نتج عنها وقف لإطلاق النار بين "حماس" وإسرائيل بسرعة نسبيا، وطور كما يفترض عبر سلسلة من الاتصالات الهاتفية علاقة طيبة مع الرئيس أوباما.

خطوات تكتيكية

لكن، كما أظهرت جماعة الإخوان المسلمين بشكل مستمر خلال السنة الأولى من وجودها في السلطة، فإنها بعيدة عن أن تكون عاطفية حيال علاقتها مع الذين لا ينتمون إلى الجماعة، كما دل تعاملها مع المجلس العسكري ومن أيده خلال حملته الرئاسية.

بالتالي سيكون من السذاجة الاعتقاد بأن مرسي لن ينقلب على واشنطن عندما يشعر أن الوقت اصبح مناسبا لذلك. وجماعة الإخوان ترسل أصلا إشارات إلى أنها تزمع مراجعة معاهدة السلام مع إسرائيل، التي تشكل مصلحة أميركية في الصميم.

والحزب السياسي لجماعة الإخوان المسلمين قام أخيرا بصياغة تشريع لتعديل الاتفاقية من جانب واحد، لكن جماعة الإخوان من غير المرجح أن تسعى وراء طموحاتها المناهضة للغرب إلى أن تنتهي من تعزيز سلطتها في الداخل.

ولهذا السبب فإنه يتعين على إدارة أوباما منع الإخوان من تعزيز سيطرتهم على مصر من خلال سياسة مؤيدة للديمقراطية.

وبالتحديد، يتعين على واشنطن أن تمتنع عن تقديم الدعم على شكل قرض تسعى مصر للحصول عليه بقيمة 4.8 مليارات دولار، إلى أن يأخذ الإخوان خطوات يمكن إقامة الدليل عليها نحو حكم أكثر اتساما بالمشاركة، حيث من المفترض أن تنهي مقاضاة الخصوم السياسيين للإخوان ومنتقديهم في وسائل الإعلام.

كذلك يتوجب على واشنطن أن تحجب عن مرسي أي دعوة إلى البيت الأبيض إلى أن يعفو عن عمل المنظمات غير الحكومية المؤدية للديمقراطية ويسمح بعودتها إلى القاهرة.

وأخيرا، يجب على الإدارة أن تعبر بقوة في كل مرة يتصرف بها الإخوان بشكل قمعي، من أجل تنبيه المجتمع الدولي إلى مسار مصر الأوتوقراطي. وهذا سوف يوسع الضغط على جماعة الإخوان المسلمين في سبيل جعل سلوكها اكثر اعتدالا، بما أن أيديولوجيتها على الأرجح غير قابلة للتغيير.

والفشل في القيام بذلك سوف يعني التخلي عن الفرصة النادرة لمواءمة المصالح الاستراتيجية الأميركية مع القيم الأميركية المؤيدة للديمقراطية. وجماعة الإخوان المسلمين تعارض تلك المصالح والقيم في النهاية، والتظاهر بعكس ذلك يماثل العودة للعيش في 24 يناير201

وكالة كل العرب الاخبارية



تعليقات القراء
لايوجد تعليقات على هذا الخبر
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد

الحقول التي أمامها علامة * هي حقول لابد من ملأها بالبيانات المطلوبة.

:
:
:
 
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
كيف تتوقع نهاية الاحداث الجارية في قطاع غزة؟



تابعونا على الفيس بوك