المزيد
استعادة أموال «الربيع

التاريخ : 07-02-2013 |  الوقت : 11:26:30

 

مضى على الأحداث العربية المسماة بـ«الربيع العربي» أكثر من عامين، وبما أن هذا «الربيع» لم يزهر حتى الآن، فإن الأمور تسير من سيئ إلى أسوأ، فتدهور الأوضاع الاقتصادية والمستويات المعيشية وصلت إلى الحضيض، أما الخلافات والصدامات بين مكونات المجتمع فلا أفقاً واضحاً لنهايتها.
في خضم هذه الفوضى والأوضاع الاقتصادية المتردية، هناك أمور مهمة بحاجة للاستقرار لمتابعتها وتحصيلها، وإلا فإن الخسائر ستكون مضاعفة، فالاستثمارات الخارجية للأنظمة السابقة في مصر وتونس وليبيا أسدل عليها الستار، وهي تقدر بأكثر من 250 مليار دولار وفق بيانات أولية، وذلك على رغم أنه لا يمكن تحديد الحجم الحقيقي لهذه الاستثمارات والودائع، علماً بأن الأموال اليمنية والسورية تتفاوت التقديرات حول حجمها وتوزيعها الجغرافي.
 
ويحيط بهذه القضية الكثير من الغموض وغياب المعلومات، فالمعروف منها، كالاستثمارات الحكومية الليبية تشترط البلدان الأوروبية وبلدان أميركا الشمالية اتباع الإجراءات القانونية لاسترجاعها، وهي إجراءات طويلة ومعقدة ومكلفة بسبب التكاليف الباهظة لمكاتب الاستشارات القانونية هناك. أما غير المعروف منها، فإنه إما في حسابات سرية وإما بأسماء غير مدونة، ما يجعل عملية متابعته معقدة إذا لم تكن مستحيلة، حيث يضحك «شيلوك» في سره قائلاً افعلوا ما شئتم، فإن هذه الأموال لن ترجع أبداً.
 
وعلى رغم الدعوات المستمرة التي سرعان ما تتلاشى لاسترداد هذه الأموال، كمؤتمر الدوحة حول «استعادة أموال الربيع العربي» الذي عقد العام الماضي 2012، ألا أن حكومات وشعوب هذا «الربيع» مشغولة بتصفية الحسابات والانتقام والانتقام المضاد، متناسية، أن هناك أموراً أهم لابد من متابعتها والاستفادة منها وتسخيرها لخدمة التنمية. يحدث ذلك، في الوقت الذي تستجدي فيه بلدان «الربيع» المساعدات من بلدان العالم ومن المؤسسات الدولية، كصندوق النقد الدولي، حيث تحاول مصر الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي بمبلغ 4,8 مليار دولار دون جدوى.
ومع أن مؤتمر الدوحة دعا إلى وضع آلية دولية لاستعادة الأموال العربية، إلا أن استجابة البلدان الغربية الموظفة فيها هذه الأموال كانت فاترة، وخصوصاً أنها في حاجة ماسة للأموال المستثمرة هناك، إذ إن خروجها حالياً ربما يساهم في تعقيدات إضافية للأزمات المالية والنقدية التي تعصف بالاقتصادات الغربية، فمن وجهة نظر هذه البلدان، فإن الوقت غير مناسب للمطالبة باستعادتها في الحاضر على أقل تقدير.
وتشير التجارب السابقة إلى أنه لا الآن ولا في المستقبل سيتم استعادة الجزء الأكبر من أموال «الربيع العربي» فالفلبين على سبيل المثال استطاعت بشق الأنفس استعادة 4 مليارات دولار فقط من إجمالي 40 ملياراً من أموال ماركوس، وذلك بعد مضي أكثر من 30 عاماً على عزله من الرئاسة، وكذلك هو الحال مع أموال الرئيس الإندونيسي السابق سوهارتو.
ومن حسن حظ بلدان «الربيع» أن هناك بعض الأموال المستثمرة في البلدان العربية، وبالأخص في دول الخليج العربي، وهي محفوظة وقابلة للاسترجاع في أي وقت، فالأنظمة المالية في دول الخليج تتميز بالوضوح ولا تتعامل بالحسابات السرية وتمر جميعها عبر المصارف المركزية التي تضع مراقبة مستمرة على حركة رؤوس الأموال والاستثمارات والتحويلات المالية.
ونظراً للأوضاع الاقتصادية والمالية الصعبة في بلدان «الربيع» العربي، فإن تبخر معظم هذه الاستثمارات سيزيد الأمور تعقيداً وسيؤدي إلى المزيد من التدهور الاقتصادي والمعيشي للسكان، إذ إن استعادة الجزء الأكبر من الأموال الموظفة في الخارج يمكن أن يؤدي -إذا ما استغل بصورة صحيحة، وهذا أمر مشكوك فيه- إلى إقامة مشاريع تنموية مهمة وتوفير الكثير من فرص العمل بما يؤدي بدوره إلى استقرار هذه البلدان في حالة ما إذا تجاوزت تناقضاتها الداخلية وعملت بصورة مهنية لتنمية مجتمعاتها، وهذا ما لا يلوح في الأفق حتى الآن.



تعليقات القراء
لايوجد تعليقات على هذا الخبر
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد

الحقول التي أمامها علامة * هي حقول لابد من ملأها بالبيانات المطلوبة.

:
:
:
 
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
كيف تتوقع نهاية الاحداث الجارية في قطاع غزة؟



تابعونا على الفيس بوك